صدى في الممر المظلم
?️ الراوي (بصوت هادئ، مبحوح، يغلفه الغموض)
في ضواحي المدينة، بعيدًا عن الأنظار... يقف مبنى حجري، أكلت الرطوبة جدرانه، وغطّى الغبار ملامحه.
يقولون إنه كان في يومٍ من الأيام دارًا للعلم... ثم صار دارًا للصمت.
لكن الليلة... لم يكن الصمت وحده ما يسكن المكان.
?️ يامان (بصوت حذر، متردد):
أتعرفين يا ميرا؟ لم أظن يومًا أنني سأعود إلى هنا.
كل زاوية في هذا المكان تحمل ذكرى... وجرحًا.
?️ ميرا (بصوت خافت، متوجس):
ومع ذلك عدت. لماذا؟
ما الذي يجبرك على مواجهة هذا الماضي؟
?️ يامان:
الرسالة التي تركها أبي قبل أن يختفي... لا بد أن وراءها شيئًا.
كان يقول دائمًا: "حين تسمع الصدى في الممر، لا تخف... بل اتبعه."
?️ ميرا(بتنهيدة):
اتّبعه؟ الصدى في هذا المكان لا يدلّ إلا على الضياع...
?️ الراوي:
كان الضوء الخافت من المصباح يتراقص على الجدران الرطبة، يرسم ظلالًا تشبه الوجوه... وجوهًا لا تنتمي للحيّ.
?️ يامان (بهمس):
توقفي… هل سمعتِ ذلك؟
?️ ميرا:
صوت ماذا؟
?️ يامان:
طرق خفيف… كأن أحدهم يكتب على الجدار.
?️ ميرا(متوترة):
يامان... هذا ليس طبيعيًا. لِنَعُد أدراجنا، أرجوك!
?️ يامان (بحزم):
لا، ليس بعد.
انظري هناك… خلف الباب الحديدي.
?️ الراوي:
خلف الباب... ظهرت غرفة صغيرة، لم يدخلها أحد منذ عقود.
على الأرض، صندوق خشبي قديم، وبجانبه شمعة مطفأة منذ زمن.
?️ ميرا:
افتحه بحذر...
?️ يامان:
(ببطء) إنه... مغلق بقفل صدئ.
[صوت كسر القفل – ثم أنين خشب الصندوق أثناء فتحه]
?️ يامان(بدهشة):
رسائل... كثيرة! كلها بخط يده!
?️ ميرا(بصوت متسارع):
اقرأ إحداها... بسرعة!
?️ يامان (يقرأ بارتباك):
"إلى من سيجد هذه الرسالة... إذا سمعت الصدى في الممر، فاعلم أنّني لست بعيدًا..."
[صمت مفاجئ – صوت نفس متقطع من الخلف]
?️ ميرا (بهمس خائف):
يامان... أهناك أحد خلفك؟
?️ يامان(ملتفت بسرعة):
مَن هناك؟ أجب!
[صوت تنفّس عميق من الظلام – يليه صوت سقوط شيء معدني]
?️ الراوي:
من بين العتمة، ظهر ظلّ لرجل، طويل القامة، وجهه غارق في السواد... وفي يده مصباح قديم.
?️ الصوت الغامض (بصوت أجش بطيء):
لم يكن عليكم العودة...
?️ ميرا (بصرخة مكتومة):
مَن أنت؟!
?️ الصوت الغامض:
الأسئلة... تقتل أكثر من الصمت يا ابنة الليل.
?️ يامان (بصوت مضطرب):
قل لي من أنت! أأنت... أبي؟
?️ الصوت الغامض:
(بضحكة خافتة)
الأب... يرحل حين يفهم الابن، لا حين يرحل جسده.
?️ الراوي (بصوت متسارع ومشحون):
في تلك اللحظة، اختفى الظلّ كما ظهر، تاركًا خلفه ورقة بيضاء...
عليها توقيع الأب المفقود.
?️ ميرا(تلتقط الورقة):
يامان... هذه بخط والدك حقًا!
?️ يامان (بصوت منخفض):
يعني... أنه كان هنا.
لكن... لماذا ترك هذا الأثر؟
هل يريدني أن أتبعه؟ أم أن أحدهم... يستخدم اسمه ليصل إليّ؟
?️ الراوي:
وبينما كانت الأسئلة تتزاحم في رأسه، بدأ الصدى يعود من جديد...
لكن هذه المرّة، لم يكن صدى خطواتهما...
?️ الراوي (بصوت خافت):
في الممرّ المظلم، لا يُسمع سوى أنفاس الخوف... وصوت الحقيقة وهي تقترب.
اهداء لعائلة club-dz
